نتحث اليوم في هذا الموضوع عن شيء قليل ما يتحدث عنه ويكره التحدث به آخرون اما لأسباب شخصية أو جهل منهم والموضوع يتحدث عن الخرافات التي تنتشر لسبب او آخر بين الناس والمثقفين أنفسهم , والحمد لله يوجه بعض العلماء وقتا للتصحيح والتنبيه ومنها طبعا في مجال علم الشخصية والذي يشغل حيز من تفكير العامة قبل المختصين .
وفي كتاب خمسين خرافة في علم النفس تأليف (سكوت ليلينفيلد وستيفن جاي وجون روشيو وباري بايرستاين) في الفصل الثامن ( اعرف نفسك –خرافات عن الشخصية)ووضع فيها عدد من الخرافات منها :
السمات الموروثة يستحيل تغييره:
قلت سابقا ان الوراثة تلعب دورا في نقل مورثات جينيه من الأجداد للاحفاد اذا , ان وجود سمه ما موروثه لا تعني أن نلغي الجوانب الاخرى البيئه والاجتماعية وان الموروث الجيني لا يعني النتيجة الحتمية له ... يعني مثلا لو وُلِد لأم مكتئبة وأب مكتئب ابنه فما نسبة ظهور الاكتئاب عندها ؟ ماذا لو تم تربيتها في بيت آخر هل تتغير النسبة ام تبقى نفسها ؟ نعم لكل منها دور وتأثير .
يعاني الاطفال المعتدى عليهم جنسيا من اضطرابات شخصية لاحقا عند البلوغ :
جرح سيبقى معي طيلة حياتي ! عبارة تمتلئ بها كتب علم النفس الشعبي على حد تغبير الكتّاب عن ضحايا الاعتداء الجنسي وتخبر قصص علم النفس الشعبي عن تغيرات في الشخصية دائمه ويزعم آخرون ان الطفل الذي اعتدي عليه يكبر ليكون معتدي بدوره ولربما لعبت السينما والأفلام دور بنشر هذا الفكر , ولا يستطيع احد انكار الاثر الذي يتركه الاعتداء على الفرد ..رغم ان ابحاث أخرى دلت على اكتساب الطفل قدرة لتجاوز الازمات ,و في مقاله نشرتها جمعية علم النفس الامريكية بحثا اثار الجدل والنقد لدرجة ادانة الكونقرس الامريكي لها .
وفي نظرة اكثر امعانا يدافع اصحاب هذه النظرية عن رايهم في القول أن ذلك يستخف من قدرة الطفل على تحدي الازمات ومواجهة الضغوط ويذكروا حوادث لأطفال تجاوزوا الازمات في وقت لاحق ,, ويتجاوز هؤلاء لضم الطلاق ايضا ..ففي رايهم ان الطلاق يحدث ضرر معين لكن للاطفال القدرة على تجاوزه والتخطيط وعيش علاقات عاطفية ايضا ناجحة بنسبة 75% الى 85% منهم
ويبقى حجم الضرر والتأثر معلق برأيي بمدى تلقي الدعم النفسي والحتماعي من الوالدين والأقربين والأصدقاء والمجتمع في تخطي هذه الأزمة .
بقع الحبر تكشف عن الشخصية :
ابتكر السويسري هيرمان رورشاخ منحى جديد في مقاييس علم النفس بوضع بقة حبر في ورقه واغلاقها ثم فتحها لتشكل صورة غامضه يدعي انها تكشف عن مكنونات النفس الداخلية ويتكون من عشر صور منها 5 ابيض واسود والباقي ملونه ..ويستخدم حوالي 82% من علماء النفس الاكلينيكين هذا الاختبار كما يقول كتاب خمسين خرافة في علم النفس
يكشف خط اليد عن سمات الشخصية :
يقول المؤلفون أن علم الخطوط ليس الا فرعا من مجموعة من ممارسات العلوم الزائفة يسمى قراءة الأحرف , افترض قارئوا الأحرف في أوقات مختلفة أنه يمكنهم النفاذ لتكوين الفرد النفسي عن طريق تفسير ملامح الوجه وتعرجات اليد ونتوء الراس وبقايا البن بقراءه الفنجان وغيره.
وقد استطاع خبراء الخطوط في جذب انتباه العوام واقناعهم انه يقوم على اسس علمية وولعل السبب في رايي هي افلام السينما وهوليود وتحقيقات الجرائم و بالفعل تكونت جمعية دولية لتحليل الشخصية عبر خط اليد في امريكا الا انها افلست مؤخرا .
ويبدأ تاريخ (علم ) الخطوط بالطبيب الايطالي كاميلو بالدي الذي الهم بدوره القس جان ميشون الذي نحت مصطلح علم الخطوط ولها اتجاهان تحليلي ينظر في الاجزاء وشمولي ومن اقوالهم ان كتابة الحرف تي بالانجليزية بشرطه مائله تشبه السوط يشير الى شخصية سادية وان الاس الانجليزية تشير للميول التملكية ويقولوا ايضا " ولعل الادعاء المفضل لدينا هو ادعاء ان الحلقات الكبيرة الدائرية في حروف (جي) و (واي) والاحرف المشابه " يعني ما يتدلى اسفل السطر من الحروف " تكشف عن انشغال دائم بالجنس وقد يكون ذلك صحيحا لكن ذلك الانشغال بالجنس ربما كان في عقل خبير الخطوط اكثر منه في عقل الكاتب "
وهنا يشيرون الى اهم نقد وجه لهذا (العلم) ان جاز التعبير بكلمة علم ؛لأن النظرية التي تثبت علميا تسمى علم وغيره يبقى نظرية ونظريات المفسرة للخطوط لم تثبت ووجه لها العديد من الانتقادات اولها ما ذكر سلفا عن ..هل يعبر التفسير عن النظرة الحقيقية للشخص الذي كتب الكلمة أم اندمجت ببعض من اهواء المفسر بمعنى ثاني هل اسقط المفسر شيء من خبراته على التفسير ؟؟؟ لا ما الدليل العلمي ! لا يوجد دليل واضح
ومن ما يؤخذ عليها أن التفاسير مختلفة في نفس الموضوع فمنهم من يرى ان شرطة حرف التي الانجليزي اذا كتبت بشكل مائل دل على السادية ...يؤمن محلل اخر بان ذلك يدل على الفكاهه !! كلام من نأخذ ؟؟ ايهم الصحيح ؟؟ المنطقي ! ما كان منطقي عندي لا يكون كذلك عند آخرين ...اذا ما المعيار الذي يقوم عليه التفسير ؟
ويكمل الكتاب ويقول أنه يدعي بعض المحللين ان الشخص الكئيب ليس بحاجه الا أن يبدأ بتغيير خطه ويكتب بشكل جميل مع الميل إلى اعلى !
ولكن ما يقوله المحللون ان خط اليد هو خط المخ صحيح فهو من عمل ادمغتنا لا أطرافنا ولكنها انشطة يقوم بها الدماغ ولا تعني ضرورة ارتباطها بشيء اخر يتحكم به المخ الشخصية مثلا
ويذكر في الكتاب الاسباب التي تجعل العامة يقبلون بهذا النوع من التحليل فيقولون انه بسبب مغالطة العربة أو ما تسمى الجوقه وتعني هل كل هؤلاء الناس على خطأ ؟ كل هالناس ما بتفهم ؟ والتي بالمناسبة يستخدمها المسوقون في الترويج للبضاعة بوضع لافتة تقول الأكثر مبيعا ..هنا يقف الزبون ويقول لابد أنها الأفضل لان الجميع اشتراها ولايمكن أن كل هؤلاء لا يفهم أو يحاول خداعي (خطة حلوه للبيع )
وبرأيي عن البشر بشكل عام يلجاون لطلب المشوره خصوصا في الخطوات الأولى أو التجربة الأولى ..ذلك يشعرهم بالراحة ويزيل التوتر ..اذا معرفة أن الجميع يتبع ويقبل هذا التحليل فهو صحيح لا محاله
ويقول في الكتاب ان القناعة جاءت من استغلال المنهج الاكتشافي القائم على التماثل فتشابه شيئين ظاهريا فهما مرتبطان كنظرية ربطة العنق عند فرويد أنها تركز لاشارات جنسية اعتمادا على الشكل الظاهري , ويذكر الكتاب ايضا ان المحللين يستغلون ظاهرة اخرى تعرف بظاهرة بي تي بارنوم , فهذه الظاهرة تقوم على صياغة جُمل تصف الجميع تقريبا وتمكّن الاشخاص من اسقاطها على انفسهم مثلا انت شخص تحب الخير للجميع ولكن احيانا يدفعك الآخرين لفعل مالا ترضاه ! – كم واحد انطبقت عليه العباره؟-
هل نثق فيها كتشخيص ؟
نحن الاخصائيين النفسيين لا نستخدم هذا الاسلوب في تحليل اضطرابات الشخصية وذلك لعدم وجود الصدق والثبات فيها ولا يثق في نتائجها حتى بنسبة 30%
و كتسلية لابأس
على الهامش
انصح بقراءة كتاب اشهر خمسون خرافة في علم النفس , فهو كتاب مفيد
وبالختام اقول أنه يجب علينا ان نعرف هل ما يعرض علينا حقيقه ام وهم في اي مجال في مجالات الحياة ؟ وان نفهم ونحسن التفكير ونتبين مما يقال لنا حتى لا نقع في فخ الجهل ونكون ضحية له فالجاهل عدو نفسه
أراكم بخير كونوا سعداء
تسنيم التميمي
كتبت هذا المقال لموقع ذات , يجوز النقل بشرط ذكر المصدر
0 التعليقات :
إرسال تعليق